الخميس، 12 مايو 2011

صدى الحق




الإنسان يحب ما يألف و يألف ما تعود عليه،،

فمن ظن أنه إن أتى بفكرة جديدة أو أسلوب جديد سيفرش له طريق التغيير بالورد منذ البداية، فليراجع حساباته.. الصراع من أجل الحق صراع منذ الأزل.. و تختلف أحجام و آفاق هذه الصراعات.. فمنها ما يكون على المستوى الشخصي، و منها ما قد يتضخم حتى يبلغ صداها المستوى العالمي... و من هذه الصراعات ما قد ربحتها قوى الخير و منها ما لم تزل تناضل من أجلها..

فلنأخذ على سبيل المثال الثورات بدءا بثورة تونس و انتهاء عند ثورة سوريا، و أمامنا أيضا الانتفاضة الثالثة لتحرير فلسطين و غيرها الكثير من النضالات لكسر أصفاد الظلم و الاستبداد و الاضطهاد.. و إظهار كلمة الحق.. السؤال هنا: ما هو الحق؟ من الذي يستطيع أن يظهره؟ و كيف؟ و ما هو موقف ديننا الحنيف من كل هذاالحق حق وإن أحيط بالأشواك و الباطل باطل و إن وافق الأهواء.. الإنسان بفطرته يعرف الحق من الباطل و لكن أبواه -أو الإعلام في هذا العصر- إما يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه.. فيغسلون مخه إن لم يكن من ذوي الفطنة و الوعي حتى يكبر و هو لا يدري أشر ما يرى أمامه أم خير.. و لكن و لكن ولكن.. حتى بعد غسيل المخ.. تبقى آثار الفطرة موجودة.. تستهجن المنكر و تحن للخير.. تنتظر من يظهر لها الحق حتى تتبعه..و الحق لا يظهره إلا من يمتلك الأسلوب المناسب و الإيمان القوي بالرسالة المراد توصيلها.. و لكن ما الأسلوب و القناعة دون شجاعة و جرأة للتبليغ و مواجهة أعاصير الباطل بدروع الحجة و اليقين ؟!..

فلنتدبر حكم سيدنا لقمان لابنه حين قال له: " يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴿31/17" يا ترى... لماذا أتبعت الصلاة بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؟ و لماذا أتبع الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالصبر الصلاة عمود الدين.. و جاء بعدها الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؟؟.. هذه رسالة ربانية من الله - سبحانه و تعالى- للعباد على لسان لقمان تبين لنا في أي مرتبة تقع أهمية إظهار الحق و إبطال الباطل ..طيب.. و ما سر إتباع هذا الأمر بالصبر؟! إن سيدنا لقمان فقه أن طريق الحق ليس طريقا سهلا و أنه يحتاج إلى جرأة.. و أن من مشي فيه لقي من المواجهة و الأذى ما قد يخاف أو يسأم الإنسان منه.. فأوصاه بالصبر على ذلك الأذى..


و أيضاً يقول تعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ
يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ..."ياااه.. يا الله ما هي صفات هذا القوم؟ نريد أن نكون منهم يا رب..كمل قوله تعالى: "1- أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ..2- أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ..3- يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ..4- وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴿5/54"يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لائم".. أليست تلك هي الجرأة؟؟ بلى. تلك هي الجرأة المنشودة! الجرأة من أجل الله – سبحانه -.. الجرأة من أجل الحق التي تأتي مصاحبة للاعتصام بحبل الله إذ أن النصر هو من عنده وحده.


و لا ننسى حبيبنا محمد -صلى الله عليه و سلم- حين حمل هم الرسالة.. فقال له رب العزة في بداية سورة الأعراف:
"المص ﴿7/1كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴿7/2
"لا يكن في صدرك حرج".. أي لا يضيق صدرك تبليغه مخافة أن يكذبوك أو مخافة تقصيرك في حمله.. انظروا كيف يربي الله -عز و جل- هادي الأمم-عليه أزكى الصلاة و التسليم- على الجرأة في الحق..


لا تخافي يا أمة محمد فالحق معك..لا تخافي فقد آن الأوان بعد طول انتظار أن نعود لنكون خير أمة أخرجت للناس.. تأمر بالمعروف و تنهى عن المنكر!لا حجة اليوم بل و كل يوم لمن يكتم الحق! فقد تعددت الوسائل و الطرق لإبداء الآراء و تحريك الشعوب مع الصواب و ضد المنكر
قيل في الشجاعة أنها الاستعداد لتحمل ألم أسوأ الاحتمالات.. و قيل في الجرأة أن الفرق بينها و بين الخوف أن نخطو الخطوة الأولى.. لن أحصر تفكيركم في ما أراه أنا من وسائل فعالة لإظهار الحق.. فكل في مجاله يبدع و يتخذ تلك الخطوة الأولى.. المهم أن لا نخاف و لا نركن بينما أهل الباطل متحركون..


و أختم بأبيات من ملحمة الابتلاء للعلامة و الشيخ د. يوسف القرضاوي يقول فيها:


ضع في يدي ّ القيد ألهب أضلعي ** بالسـوط ضــع عـنـقـي عـلــى السـكّـيـن

لـن تستطيـع حصـار فكـري ساعـةً ** أو نــزع إيمـانـي ونـــور يقـيـنـي

فالنور في قلبي وقلبـي فـي يـديْ ** ربّـي وربّـــي نـاصــري ومـعـيـنـي

سأعيش معتصماً بحبـل عقيدتـي ** و أمـوت مبـتـسـمـاً لـيـحـيـا ديــنـــي


دمتم بود و سلام،،

بقلم العضوة :بسمة الوهيب

هناك تعليق واحد:

  1. كلامٌ جميل جداً يا بسمة ، مثلما ذكرتِ في أكثر من مرة .. سأقول بشكلٍ مباشر : إن الحق هو الله !
    قال تعالى : "و يعلمون أن الله هو الحق المبين" سورة النور الآية :25
    فمن عرف الله و اهتدى إليه فليكن على يقين بأنه قد عرف الحق .

    ردحذف